الأحد، 25 أكتوبر 2009

بطالة النساء في سورية مازالت مرتفعة


علياء تركي الربيعو


ما زالت النساء تمثل نسبة قليلة جدا من العمالة الإجمالية في سورية, ولكن النسبة كانت ترتفع ببطء في السنوات الأخيرة. إن استطلاعا نشره المكتب المركزي للإحصاء (جهة حكومية) أواخر السنة الماضية أظهر أن نسبة النساء في عمر العمل (المحدد بمن عمر بين 15-65) التي كانت تعمل في عام 2007 لا تزيد عن 14%, وأن هذه النسبة تشكل حوالي 16% من إجمالي العمالة.
وأظهر الاستطلاع الرسمي أن حوالي نصف العاملات هن في القطاع العام، وخمسهن في الزراعة، فضلا عن 20% اللواتي يعملن في الخدمات والبيع، و7% في الصناعة, ومعظمهن في صناعة النسيج, والبقية يعملن في العقار والمال وقطاع النقل. وأظهرت الدراسة أيضا أن النساء العاملات في مجالات تتطلب المهارات الفنية هن أقل بكثير من نظرائهن الرجال.

نظرة المجتمع لعمل المرأة
يعلق الخبراء في الشؤون الإجتماعية اللوم حول معدل التشغيل المنخفض جزئيا على الرأي العام الذي لا يؤيد خروج النساء للعمل، بشكل عام، بدلا من البقاء في البيت. وقال أكرم القش وهو أستاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق إن "النساء اللواتي يرغبن في دخول سوق العمل تواجههن الكثير من المشكلات بما فيها التعليم والتقاليد."

عمل المرأة رهن الظروف المعيشية
ورغم ما سبق الا ان الأرقام تظهر أن أكثر النساء المتزوجات يعملن لتعزيز دخل البيت في الوقت الراهن. و كانت نسبة النساء اللواتي يؤمن القسم الأهم من دخل العائلة قد ارتفعت إلى 11% بالمقارنة مع 10% في 1994 حسب ما يقول الاستطلاع. وفي هذه الصدد قال بسام القاضي، مشرف مرصد نساء سورية (وهو موقع انترنت مقره في دمشق): "بشكل أكثر النساء يأخذن دورا مهما في العائلة بعد الطلاق أو بعد وفاة أزواجهن". وأشار السيد القاضي إلى أنه عندما تجد النساء أنفسهن في مثل هذه الأوضاع يقل احتمال أنهن سيرجعن إلى بيوت عائلاتهن.

وترجع راغدة الأحمد، النائبة لرئيسة الاتحاد العام النسائي، هذه التيارات الجديدة إلى الضغوط الإقتصادية المفروضة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة أكثر منه بسبب التحول الجذري في الرأي العام.
وفي الوقت نفسه، وحسب ما قالته ريم الجابي من الصندوق الإنمائي للامم المتحدة (UNDP)، فإن عدد النساء اللواتي يحصلن على الشهادات الجامعية يرتفع, إذ تشير الأرقام الرسمية إلى أن ما يقارب نصف النساء السوريات يتابعن التعليم العالي. ومع أن عدد النساء العاملات مرتفع إلا أن أغلبهن يعملن في أعمال وظيفية، لا تتطلب مهارات فنية عالية.

الاتجاه نحو القطاع الحكومي
إن القطاع العام هو الأكثر توظيفا للنساء, إذ تكون قطاعات التعليم والصحة والخدمات العامة للنساء أكثر استقرارا بالنسبة لساعات الدوام وظروف العمل. على خلاف ذلك يجد الاستطلاع أن ربع الرجال فقط يعملون في القطاع العام حاليا.
وتقول باسمة الخوري عضوة بارزة في الاتحاد العام النسائي إن "العمل في الحكومة يحمي النساء, وأنهن لسن مضطرات للعمل ليليا أو في الأعمال الجسدية الشاقة." وهن يجلبن الفوائد العائلية وميزات أخرى ليست متوفرة في القطاع الخاص دائما. هكذا يقول خبراء الجندر إن قوانين المساواة تُحترم في القطاع العام حيث الكثير من الموظفين في القطاع الخاص يميّزون ضد النساء في أمور الراتب وأنواع الأعمال المتوفرة لهن.
غير أنه يرى البعض أن العمل في أعمال إدارية متدنية المستوى في القطاع العام يمنع النساء من البحث عن فرص عمل أكثر تحدّ. كما تقول علا تركي وهي إمراة عمرها 27 عاما ترأس فرعا من بنك خاص في دمشق: "العمل الحكومي لا يعطي للنساء فرصة التحسن ولا يساعدهن في تحقيق طموحاتهن."

مبادرات غير كافية

فيما يخص هذا الشأن فقد شهدت السنوات الأخيرة عددا من المبادرات الحكومي والخاصة لتشجيع النساء على الإبداع التجاري. على سبيل المثال عقدت الحكومة السورية بالتعاون مع ال"UNDP" في كانون الأول الماضي ورشات تغطي البلد من أجل تأهيل النساء لإطلاق مشاريع تجارية صغيرة خاصة بهن وإدارتها. ذلك أن النساء يمثلن أكثر من 60% من المستفيدات من القروض الميسرة لكي يطورن مشاريع اقتصادية جديدة. وفي 2007 أطلقت الحكومة قرضا آخر ليساعد النساء في قطاع الزراعة على إقامة مبادرات تجارية لبيع منتجاتهن.
لكن يرى البعض ضرورة العمل أكثر من أجل إندماج النساء في الحياة الإقتصادية. ومن ناحيتها قالت السيدة الأحمد من الاتحاد العام النسائي إن هناك حاجة لوجود رأس مال أكثر لقروض تكلفتها منخفضة. وقالت إن "بعض النساء في سورية وصلن إلى مواقع صنع القرار في السياسة وفي العالم التجاري, ولكن تظل الأعداد قليلة جدا، وأقل بكثير مما هو متوقع." وحسب ما تقوله طرفة كحيل، ناشطة في موقع نساء سورية في مقابلة لها ، فإن "ما تريده النساء في سورية هي المساواة الحقيقية مع الرجال وتكافؤ الفرص في سوق الأعمال."

الخميس، 1 أكتوبر 2009

حضور مصري لافت في جودة السينما الأدبية ومشاركة عربية ضعيفة

ابراهيم العريس


إذا كان من الصعب القول ان ثمة أفلاماً كثيرة أُخذت عن روايات أو نصوص أدبية أخرى، من بين الأفلام المئة التي تعتبر - بإجماع النقاد والمؤرخين - أعظم الأفلام في تاريخ الفن السابع في العالم، فإن هذا القول لا يبدو بعيداً من الصواب ان نحن تحرينا تاريخ السينما المصرية في شكل عام وحاولنا معرفة أي هي أفلامها المئة الافضل. فمن الأرض» ليوسف شاهين (المأخوذ عن رواية عبدالرحمن الشرقاوي) الى «الحرام» لهنري بركات (عن رواية يوسف ادريس) الى «بداية ونهاية» و «القاهرة 30» المأخوذين عن روايتين لنجيب محفوظ، من اخراج صلاح أبو سيف، مروراً بعشرات الأعمال الكبيرة الأخرى في السينما المصرية، عرفت هذه السينما كيف تنهل من التراث الرائع والعريق للأدب الروائي والقصصي المصري. بل ثمة كتّاب كبار نُقل معظم أعمالهم الى الشاشة السينمائية (راجع في مكان آخر من هذه الصفحة). وثمة كتّاب كتبوا مباشرة للسينما، كما فعل نجيب محفوظ حين كتب «درب المهابيل» لتوفيق صالح، أو أمين غراب حين كتب «شباب امرأة» لصلاح أبو سيف، ثم حولها الى رواية منشورة.

نريد من هذا ان نقول، طبعاً، ان العلاقة بين السينما المصرية والأدب الروائي والقصصي في مصر، كانت على الدوام علاقة وثيقة... وهي لا تزال هكذا حتى اليوم، على رغم السقوط المدوي للسينما المصرية في أحضان الهزل وسينما المغامرات التي من الصعب تصور تحدرها من نصوص أدبية جدية. ولكن يكفي أن يقتبس وحيد حامد، على سبيل المثال، رواية «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني، ليحقق مروان حامد فيلماً سرعان ما يكون الأبرز في مصر خلال السنوات الأخيرة.

والحقيقة أن علاقة الأدب بالسينما في مصر، بدأت باكراً، وربما قبل البداية الرسمية للإنتاج السينمائي المصري في فيلم «ليلى» لعزيزة أمير، إذ نعرف أن بعض أهل السينما فكر بأن يكون فيلم مقتبس عن رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل، أول فيلم مصري (علماً أن مؤرخين كثراً يرون، خطأً أن «زينب» هي بدورها الرواية المصرية الأولى). طبعاً تأخر ظهور «زينب» شهوراً قليلة عن «ليلى»، فكان واحداً من أول الأفلام، وبداية سعيدة لتحول أعمال أدبية مصرية كثيرة الى أفلام، وليس فقط بالنسبة الى نصوص كلاسيكية وواقعية حملت تواقيع كبار أدباء مصر، نصوصاً، وكبار مخرجيها، تحقيقاً. وهذا من دون أن نصل الى الحديث عن اقتباسات مصرية (سعيدة أو غير سعيدة) لأمهات الروايات والمسرحيات العالمية، حيث ان هذه حكاية أخرى... ونعرف طبعاً في هذا السياق أن كل أنواع الأدب المكتوب في مصر، عرفت طريقها الى الشاشة، بما في ذلك النصوص الأكثر تجريبية، مثل «مالك الحزين» لإبراهيم أصلان («الكيت كات» لداود عبدالسيد) أو «سارق الفرح» لعبد السيد نفسه، عن قصة لخيري شلبي... والنصوص الأكثر صعوبة («الجبل» لفتحي غانم في فيلم من توقيع خليل شوقي. وهذا الفيلم يحيلنا طبعاً الى شبيه له، جزئياً في موضوعه، هو تحفة شادي عبدالسلام الوحيدة - في مجال الفيلم الروائي الطويل - «المومياء»، الذي يعتبره كثر مبنياً على سيناريو أصلي، مع انه في حقيقته يجمع بين رواية «الجبل» ونص علمي للمعماري الكبير حسن فتحي هو «العمارة مع الشعب»، الذي كان بدوره في أصل «الجبل»)، أو حتى النصوص الأكثر جرأة، سياسياً على الأقل، مثل «الكرنك» و«ميرامار» عن روايتين لنجيب محفوظ...

سينما لكل الأنواع

طبعاً لا يمكننا أن نورد لائحة كاملة بكل ما نقلته السينما المصرية عن الأدب المحلي، لكننا في المقابل قادرون على التأكيد ان هذا النقل يشمل الكتّاب جميعاً، من يحيى حقي («قنديل أم هاشم») الى طه حسين («دعاء الكروان» و «الوعد الحق» و «الحب الضائع»... الخ) وفتحي غانم («الرجل الذي فقد ظله»)... وصولاً الى بهاء طاهر (المبدع الذي إذا كانت السينما خسرت روايته الرائعة «خالتي صفية والدير» لمصلحة التلفزيون، فإن فيلماً مقتبساً عن روايته «نقطة نور» هو الآن قيد التحضير)، الى ابراهيم أصلان ويوسف ادريس (الذي اقتبس في السينما مرات عدة، وما زالت أعمال كثيرة له، منها روايته الرائعة «البيضاء» تنتظر أفلمة ما...) وطبعاً يوسف السباعي (الذي كان كاتباً سينمائياً محترفاً، مدّ الإيديولوجية الناصرية بأعمال كثيرة... ومع هذا يظل أفضل اقتباس سينمائي لعمل من أعماله، فيلم «السقا مات» لصلاح أبو سيف) من دون أن ننسى محمد عبدالحليم عبدالله برومانسياته التي كادت تكون وقفاً على المخرج أحمد ضياء الدين، وسعد الدين وهبة الكاتب الذي مدّ السينما بأفلام أخذت عن مسرحيات له وأخرى عن قصص قصيرة، كما مدّها بعدد من أفضل السيناريوات. والحقيقة اننا، هنا، في مجال الحديث، عن كتّاب السيناريو في مصر، سيكون مفيداً أن نذكر أن عدداً كبيراً من أفضلهم انما جاء من الكتابة الأدبية، لا من معاهد السينما، إذ نعرف أن وحيد حامد كان اصلاً كاتباً للقصة القصيرة وكذلك حال مصطفى ذكري (صاحب «عفاريت الإسفلت» بين أعمال مميزة أخرى). وفي المقابل يُذكر بالخير الكاتب يحيى عزمي، الذي أتى من دراسة السينما في موسكو، ليكتب، عن قصتين مدموجتين ليحيى الطاهر عبدالله واحداً من أفضل السيناريوات المقتبسة عن عمل أدبي: «الطوق والأسورة» الذي حققه خيري بشارة.

ونحن إذا كنا ذكرنا في هذه العجالة، هذه الأسماء، نعرف أنها ليست كل الأسماء، حيث ندر - في الحقيقة - أن كان هناك كاتب مصري، على الأقل خلال النصف الثاني من القرن العشرين، لم يتدخل في مهنة الكتابة للسينما، وأحياناً في الكتابة عنها (يحيى حقي مثلاً، أو حتى صلاح عبدالصبور). غير أن ما يمكن رصده خلال العقود الأخيرة هو ذلك التضاؤل في وتيرة العلاقة بين النوعين الإبداعيين. وإذا كنا نعرف أن فيلماً لعلي بدرخان مأخوذاً عن قصة «أهل القمة» لنجيب محفوظ، شكل البداية الحقيقية للنهضة التي عرفت في ثمانينات القرن العشرين بـ «الواقعية الجديدة» (محمد خان، خيري بشارة، داود عبدالسيد، عاطف الطيب...)، فإننا نعرف أيضاً، ان انفتاح أصحاب هذا التيار على الواقع المصري المثير، غالباً، لغضبهم، جعلهم ينطلقون في أفلامهم من رؤى صيغت مباشرة للسينما، ما حرم السينما المصرية من مواصلة طريقها في استلهام الأدب، ولا سيما منه أدب الستينات الذي كان ثورة مدهشة في أشكال الفن الروائي في مصر ومضامينه... وقد أدى هذا الى إبعاد كتّاب كثر عن السينما، بحيث صارت من تراث الماضي تلك الظروف التي، مثلاً، جعلت توفيق الحكيم يكتب لعبدالوهاب، مباشرة، نصاً حُوِّل الى ذلك الفيلم الظريف «رصاصة في القلب». ولكن، وكما ألمحنا، حين يحدث بين الحين والآخر أن يقتبس سينمائي واع نصاً أدبياً، غالباً ما يأتي الفيلم مميزاً: «الحب في هضبة الهرم» و «قلب الليل» لعاطف الطيب، «الكيت كات» لعبد السيد، على سبيل المثال لا الحصر... و «زيارة السيد الرئيس» لمنير راضي، عن رواية ليوسف القعيد...

... وفي البلدان العربية

إذا كان كل كتّاب القصة والرواية، قد حضروا في السينما المصرية في شكل أو في آخر، فإن ليس في امكاننا ان نقول الشيء نفسه عن بقية البلدان العربية التي عرفت، في مرحلة أو أخرى، انتاجاً سينمائياً... إذ في سورية كما في لبنان، في المغرب كما في فلسطين والعراق وبلدان الخليج وفي الجزائر، ثمة عشرات - ان لم يكن مئات - النصوص الأدبية لا تزال تنتظر من ينقلها الى الشاشة الكبيرة (ولندع هنا الشاشة الصغيرة جانباً، التي كانت في معظم الحالات أكثر نشاطاً في هذا السياق)... ففي سورية مثلاً، حتى وان كان بعض نصوص حنا مينه، ونص أو أكثر لحيدر حيدر أو فيصل خرتش (صاحب «تراب الغرباء») قد عرفت طريقها الى الشاشة، فإن ثمة لمينه وغيره، كذلك لكوليت خوري وياسين رفاعية وحيدر حيدر وممدوح عزام وحتى عبدالسلام العجيلي، أعمالاً كثيرة، تنتظر أفلمة ما... ربما سيحين وقتها حين يتخفف السينمائيون السوريون من الأعباء الايديولوجية والرغبة في جعل ذواتهم موضوعاً للأفلام.

في لبنان، في المقابل، يكاد ينحصر الاقتباس السينمائي عن الأدب في فيلمين لافتين، أولهما حقق في سنوات الستين عن رواية «الأجنحة المتكسرة» لجبران خليل جبران (الراحل يوسف المعلوف وهو مصري من أصول لبنانية)، والثاني، تجربة بهيج حجيج في أفلمة رواية مميزة لرشيد الضعيف هي «المستبد» تحت اسم «زنار النار»... ولئن حلم برهان علوية طويلاً بعلاقة لسينماه مع الأدب تتمثل في سيرة لجبران عن شبه - رواية كتبها جان - بيار دحداح، فإن هذا الحلم لم يتحقق حتى الآن.

أما في العراق فإن سنوات الازدهار السينمائي شهدت اقتباسات من غائب طعمة فرمان («خمسة أصوات») ومن غيره، ما يجعل التجربة العراقية تذكر بالخير، على عكس التجربة الفلسطينية في هذا المجال، والتي لا تزال مقتصرة على نصين أو أكثر لغسان كنفاني (من بينهما الفيلم السوري «المخدوعون» تحفة توفيق صالح). علماً أن التجربة الفريدة من نوعها في المشرق العربي تبقى اقتباس خالد الصديق لرواية «عرس الزين» للسوداني الطيب صالح، في فيلم كويتي، تلى «بس يا بحر» للصديق، الذي وضع عن تجربته تلك كتاباً في غاية الطرافة والفرادة...

وما يقال عن المشرق العربي في هذا السياق، يمكن قوله عن المغرب العربي، حيث لا يزال الاقتباس الأدبي في السينما نادراً، على رغم بدايات أتت مشجعة وواعدة «الأفيون والعصا» لأحمد راشدي وبعض التجارب المغربية الأخرى...

طبعاً ليس المجال هنا كافياً لتحليل هذه الظاهرة السلبية... ولكن تبقى ضرورية الإشارة مرة أخرى الى أن التجربة المصرية مع الأدب كانت وتبقى ناجحة في معظم الحالات، حتى وإن كنا نعرف أنه قليلاً ما تحقق لفيلم حقيقي مأخوذ عن نص أدبي، نجاح جماهيري كبير ونجاح في شباك التذاكر... ولكن - ونكاد نقصر حديثنا الختامي هذا على الحالة المصرية - نعرف بالتأكيد ان العدد الأكبر من الأفلام المقتبسة عن نصوص أدبية يتعلق بأفلام تشكل علامات أساسية في تاريخ هذا الفن


المصدر صحيفة الحياة


مواضيع ذات صلة


الأدب والسينما / احالة حول التجربة المصرية
http://www.inanasite.com/bb/printview.php?t=7648&start=0&sid=7c35738b9d5f5ffb454119170a0be481

سينما نجيب محفوظ : واقعية وجريئة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=138792

ما هى السينما المصرية والعربية
http://dvd4arab.maktoob.com/archive/index.php/t-1733725.html

هل تعود السينما الى احضان الأدب؟
http://www.awan.com/pages/culture/220323

الأحد، 27 سبتمبر 2009

جمعية جديدة تدعو لتعدد الزوجات

الداعي الى ستر بنات المسلمين " هذا ما يطلقه على نفسه الحاج نصري ابو غلوس مؤسس جمعية تعدد الزوجات في الاردن


لا يتردد ابو غلوس البلغ من العمر ( 58 عاما )، و الذي تزوج 15 مرة في حياته (يحتفظ باربع على عصمته) و انجب من هذه الزيجات 31 ولدا مع أحفاد فاقوا العشرين حفيدا، و الذي لم يكمل من تعليمه سوى للصف السادس الابتدائي، ويمتلك عدة شركات ومحال للأدوات الصحية في رأس العين بالاردن ، لا يتردد‏ في اعتبار أن "كثرة الزواج ليست وجع رأس". بل ويدعو أكثر إلى "تعدد الزوجات وتعميمه"
من خلال جمعيته الجديدة لتعدد الزوجات .


تشجيع الرجال على التعدد
يتحدث ابو غلوس عن الجمعية التي انشاها و يقول "هذه جمعية افتراضية وأنا نائب لعديلي السعودي الذي تزوج نحو 20 من النساء ولديه اليوم أكثر من 60 ابنا"
يمتلك ابو غلوس بطاقة تعريفية باسمه يوزعها على الرجال الذين يقابلهم في حياته بغرض تشجيعهم على تعدد الزوجات ، يقدم ابو غلوس نفسه بالبطاقة على انه "نائب جمعية تعدد الزوجات " و “الداعي إلى ستر بنات المسلمين”
ما يميز بطاقة التعريف الخاصة بابو غلوس ليس فقط العبارتين السابقتين ، بل الشعار الموضوع على يسار البطاقة و المكون من هلال بداخله اربع نجمات مختلفة الالوان .
ويشرح أبو غلوس للجزيرة نت شعار جمعيته ويقول "الهلال هو الرجل، والنجمات هن النساء اللواتي أحل الله للرجل الجمع بينهن". ويضيف "تعمدت وضع كل نجمة بلون لأن النساء غير متشابهات".



فائدة التعدد و اصله
يرى ابو غلوس بان منع التعدد يشيع الفاحشة في كثير من الأحيان ، ويطالب بالنظر لما تعانيه المجتمعات الغربية من "ظلم للمرأة"، ويؤكد أنه يدعو كل رجل "قادر ماديا وجسديا ويمكنه العدل بين الزوجات" إلى التعدد، لذا فهو يصف الرجال الرافضين للتعدد ب"الجبناء " و المرأة التي تحرم التعدد على زوجها "تحرم ما أحل الله".
ويؤكد ابو غلوس أن الأصل في الشريعة الاسلامية هو التعدد ويقول "أنا أنتمي لمدرسة لديها من النصوص الشرعية ما يكفي للدلالة على أن الأصل هو التعدد والاستثناء هو الزواج بواحدة".
ولا يرى أبو غلوس أن “فقر الرجل وعدم اقتداره ماليا يمنع تعدد الزوجات فهو يؤمن أن الرزق يأتي بعروة الأولاد، وأن الله هو الذي يرزق عباده”.
ويؤكد ابو غلوس بأن تعدد الزوجات، يساهم في تقليل نسبة العنوسة في المجتمع. ويلفت إلى أن نسبة العنوسة بين الفتيات في الأردن مرتفعة والعمل على التشجيع على الزواج بأكثر من واحدة يعمل على محاربة العنوسة.
وتشير دراسات اعدتها وزارة التنمية الاجتماعية في الاردن إلى أن معدلات العنوسة في المملكة تجاوزت مئة ألف فتاة، تزيد أعمارهن عن ثلاثين عاما وتخطين سن الزواج في نهاية عام 2007 ، فيما تشير إحصائيات اعدتها جمعية العفاف الخيرية الاردنية مؤخرا إلى أن متوسط سن الزواج ارتفع إلى ثلاثين سنة للذكور و29 سنة للإناث.


تعدد الزواج مشكلة ام حل
و تنقسم الاراء بالنسبة الى موضوع التعدد ، فبين من يراها بانها قد تحل مشكلة و اولها العنوسة ،يرى البعض بانها قد تخلق مشاكل اخرى كالطلاق و تفكك الاسرة .
تقول حنان علي ،ربة منزل،" تعدد الزوجات ليس حلاً لمشكلة العنوسة الموجودة داخل المجتمعات العربية الموجودة، فحل المشكلة عن طريق التعدد سينجم عنه مشكلة أكبر وهي الطلاق؛ وذلك لأن الكثير من الزوجات لن تقبل بوجود امرأة أخرى في حياة زوجها!".
وتؤيد ريم أحمد ، زوجة أولى تزوج عليها زوجها،هذا الامر و تقول " أنا ضد موضوع تعدد الزوجات تماماً، يكفي أنني فقدت الاستقرار في حياتي بعدما تزوج زوجي ولم أعد أجده بجواري

".
بينما يرى ياسر الزعاترة كاتب اردني في حديث له نقلا عن الجزيرة نت بانه يمكن للمرأة التي فاتها القطار أن تقبل برجل متزوج على أمل أن يكون لها بيت وتكون لها أسرة، فما من شيء يمكن أن يعوض المرأة عن دفء الأسرة والزوج والأبناء.
و يؤكد على ذلك احمد خلف ،مدرس فيرى ان تعدد الزوجات هو أمر مشروعا وحل لكثير من المشكلات الاجتماعية، فهو يتيح الفرصة لكثيرات ممن فاتهن قطار الزواج أو طلقت أو توفي عنها زوجها أن تشعر بشيء من الاستقرار والأمان في كنف رجل يرعاها.
الا ان رغداء الاحمد ناشطة في مجال حقوق المرأة ترى بان الزواج الثاني اصبح يتم بغرض إشباع النزوات فقط، دون النظر إلى كونه وسيلة من وسائل إصلاح خلل ما في المجتمع كارتفاع نسبة العنوسة وما إلى ذلك.
ويرد الزعاترة على من يأخذ القضية من زاوية كرامة المرأة بالقول "هؤلاء لا يرون أن هناك رجالا يرفضون من قبل نساء كثيرات نظرا لقلة إمكاناتهم، وأن اللواتي قبلن برجال متزوجين قد فعلن ذلك بإرادتهن، مفضلات ذلك على العنوسة ".


تاثير المجتمع على التعدد

و براي الكثيرين فان مسالة تقبل المجتمع لمسالة التعدد تخضع لامور معينة ،اولها تاثير المجتمع على هذا الامر و هذا ما يؤكده الزعاترة اذ يقول"بأن البعد الاجتماعي يؤثر في قضية التعدد، لانه يتوفر أزواج يرغبون في التعدد ولديهم القدرة المالية والجسدية، لكنهم لا يفعلون خوفا من زوجاتهم، أو خشية التأثير على استقرار البيت الأول ومشاعر الأولاد، وهي قضية تتأثر بالواقع الاجتماعي ويمكن أن تتغير بمرور الوقت


حكمة لتعدد الزوجات
يتابع أبو غلوس، المتزوج من نساء من عدة جنسيات عربية، اعطاء رايه في هذا الموضوع ممازحا أن “المتزوج من واحدة إذا مرضت مرض معها، والمتزوج من اثنتين يقع بين نارين، والمتزوج من ثلاث عريس كل ليلة، والمتزوج من أربعة أسد في غابة”. وهو يؤمن بحكمة أن ” الرجل مدد، والمرأة عدد”.
و يختم قائلا " أنا جمعية وتجربة ناجحة قائمة وليزرني أي رجل وسأقنعه بالتعدد".


روابط لمواضيع ذات صلة

http://www.alghad.jo/?news=448061

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/70F44A21-9F47-4970-A6E8-36E983EDBECA.htm

الخميس، 17 سبتمبر 2009

كيفية تقييم مواقع الانترنت الصحفية

من المهم تقييم المواقع الإخبارية ومدى جديتها على الانترنت من خلال طرح الأسئلة التالية:

- من الذي أنشأ الموقع و يقوم بتزويده بالمضمون؟ بإمكانك أن تقوم ببحث حول اسم الموقع او اسم المؤسسة أو الشخص الذي أنشأه، ومحاولة إيجاد معلومات حول مدى خبرة هذه المؤسسة أو الشخص من خلال دراسة إعمالهم السابقة لتحديد مصداقيتهم. و يمكن استخدام مواقع مثل http://www.whois.com و http://www.domaintools.com لمعرقة المزيد من المعلومات عن صاحب الموقع.




- ما هو محتوى الموقع؟ هل المواد الموجودة بالموقع مواد ترويجية أم إخبارية؟ هل الموقع مجرد أداة دعائية للمؤسسة الإعلامية أم يحتوى علي معلومات مفيدة وجديدة. يقول جيمس سي. فوست في كتاب "الصحافة الالكترونية: مبادئ وممارسات الأخبار على الشبكة الالكترونية" أن "محتوى الموقع أحد أوضح المؤشرات على أهدافه الصحفية."

- هل المعلومات دقيقة؟ ابحث عن أخطاء إملائية أو نحوية. كيف تمت كتابة التقارير؟ هل تشعر بالجدية والاحتراف؟ هل المعلومات الموجودة بالموقع دقيقة أم مبالغ فيها؟ هل تم إسناد المعلومات إلى مصادرها؟

- هل يتم تحديث المعلومات؟ يعتبر تحديث المعلومات بشكل دوري مؤشر هام على جدية الموقع والقائمين عليه. فعلى سبيل المثال إن اتجهت إلى موقع ما ووجدت أخبار الأسبوع الماضي على الصفحة الرئيسية يستبعد انك ستزور الموقع مرة أخرى للحصول على آخر الأخبار. احد أهداف المواقع الإخبارية الرئيسية هو جذب المستخدمين وعليه فالتحديث بشكل مستمر يساعد على تحقيق ذلك.

- ما هو شكل الموقع؟ تستطيع أيضا من تصميم الموقع واختيار ألوانه أن تحدد جديته. إن كان الموقع يستخدم ألوان كثيرة و فاقعة لجذب الانتباه من الصعب اتخاذ محتواه جديا.

الصحافة الالكترونية

هي كتابة وإنتاج الأخبار المرئية والصوتية لمواقع اليكترونية. لا تعني الصحافة الاليكترونية مجرد نسخ الخبر كما هو ولصقه على الموقع الاليكتروني. هناك طرق معينة للكتابة و لتنظيم الخبر ولتصميم المواقع الإخبارية. لابد أن تكون المواقع الإخبارية المرتبطة بمؤسسات إعلامية أكثر من مجرد واجهة دعائية للمنظمة الإعلامية

.فوائد الصحافة الالكترونية:

- السماح للمستخدم باختيار الترتيب والطريقة التي يتصفح بها الموقع.
- توفير مساحة غير محدودة للأخبار.
- توفير الأخبار بصورة فورية ومستدامة.
- وجود أرشيف وخاصية البحث والقدرة على استرجاع المعلومات.
- استخدام أدوات الوسائط الإعلامية المتعددة.
- التفاعل مع المستخدم و السماح له بإبداء رأيه والتعليق على الخبر والتحاور مع الصحفيين والمحررين والمستخدمين الآخرين.
السماح بالتصحيح الفوري للأخطاء


تاريخ الصحافة الالكترونية

لقد أصبحت شبكة الانترنت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للعديد من الناس. كما أنها تعتبر أداة حيوية للصحفيين. ولكن كيف كانت
البداية؟ بدأت شبكة الانترنت كمشروع قامت به وكالة مشاريع البحوث المتقدمة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية في السبعينيات لربط المشئات من أجهزة الكمبيوتر بشبكة تعرف باسم اربانت ARPANET. وكان الهدف من المبادرة إيجاد وسيلة اتصال وتواصل بين الباحثين والمسؤولين الحكوميين في حالة وقوع هجوم نووي.

وحتى الثمانينات لم تكن هناك أية مواقع الكترونية. كان تداول المعلومات من خلال النص وتطبيقات بروتوكول نقل الملفات (PΤF) فقط. بعد ذلك، تم إنشاء النص التشعبي للغات الرموز المعروف باسم (HTML) لجعل الاتصال بين العلماء أسهل. وقد أتاح (HTML) سهولة عرض النص، والصور، والجرافيك على نفس الشاشة، وأتاح للمستخدمين سهولة التنقل من صفحة إلى أخرى عن طريق الروابط..

مقدمة

ما اشرنا في المقدمة من المتوقع أن يكون المشاركون على دراية بالمبادئ الأساسية للصحافة، لكن قبل أن نبدأ فيما يلي تذكير سريع وموجز بمبادئ الصحافة بشكل عام.

العدل: عليك أن تتعامل مع أي موضوع دون تحيز، والاستماع إلى جميع الجوانب.

إسناد المعلومات إلي مصادرها: على الصحفي أن يوضح مصدر كل المعلومات التي يحتويها تقريره. الآن في عصر الانترنت يمكن أيضا أن يضيف رابط إلى مصدر معلوماته، إذا كان المصدر موقع الكتروني آخر.

الدقة: يجب على الصحفي التدقيق في جميع الحقائق التي يحتويها تقريره، والتأكد منها قبل نشرها. يشكك البعض أحيانا بالمعلومات التي تورد على شبكة الانترنت و يقللوا من أهميتها وجديتها لذلك تقع على عاتق الصحفيين مسئولية التحقق من المعلومات من اجل بناء مصداقية تقاريرهم وموقعهم.

صلة الموضوع وأهميته للجمهور: ما هي أهمية موضوع التقرير للقراء أو المشاهدين أو مستخدمي الانترنت؟ يجب أن يكون الموضوع ذو أهمية للمجتمع. وعلى الصحفي أن يكون على دراية بما يهم ويؤثر في الجمهور.

الحداثة: بنشر معلومات جديدة لم تكن متوفرة ومعروفة من قبل.

هذه المبادئ الأساسية للصحافة لا تتغير بالصحافة الالكترونية، و بالرغم من الاختلافات ما بين أنواع الصحافة المختلفة والصحافة الالكترونية، والتي سنتطرق إليها في وقت لاحق.

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

عودة الإثنيات في عصر العولمة

دمشق - علياء تركي الربيعو

«إفلاس الإنسانية» هذا ما توصل إليه الكاتب الألماني كارستن فيلاند في المحاضرة التي أقيمت في المركز الثقافي الألماني بدمشق، شاركه فيها الدكتور صادق جلال العظم، والتي كانت بعنوان «الإثنية والسياسة»، تم خلالها مناقشة كتاب فيلاند «الدولة القومية خلافا لإرادتها» الذي ترجم للغة العربية في العام 2007 عن دار المدى بدمشق.
عقّب الدكتور العظم على ما جاء في كتاب فيلاند خلال المحاضرة، فلم يوافق العظم على ما أسماه فيلاند بـ«إفلاس الإنسانية»، مشيرا إلى أن الدول الغربية هي التي همشتها واستبعدتها وأهملتها، فانتهاء الحرب الباردة ساهم في ظهور الإثنية، لأن الدول الفاعلة والمقررة تبنت هذا المفهوم، لكونه الأسهل في التعامل مع الدول الأخرى.






بدأت المحاضرة بشرح فيلاند وجهة نظره على ما جاء في كتابه في القسم الأول من المحاضرة، إذ تحدث عن مفهوم الإثنية وكيف تكونت، مشيرا إلى أن سقوط جدار برلين ساهم في بداية الصراعات الإثنية في العالم، فقد شهد العالم تطورا ملحوظا بعد سقوط جدار برلين، ليس فقط في ألمانيا، ولكن في أوروبا كلها في العام 1989، إذ أمل الناس آنذاك أن يروا العالم وقد تحول الى مواطنة وعالم متنور، عالم يمكن أن يواجه المشاكل الكونية، ولكن لسوء الحظ هذه الآمال ذهبت أدراج الرياح، ولم تتحقق، بل بدلا من ذلك هناك ما نسميه بالإثنية التي ظهرت وأضحت على أجندة الدول في أوروبا، متمثلة في حروب البلقان في بداية التسعينيات من القرن العشرين.
وأشار فيلاند إلى أنه أصبح لدينا اليوم ما يسمى بالمفهوم الألماني، وموضوع الأمة العضوية والإثنية التي في بعض الحالات المتطرفة هي العرق، أي أن لدينا مجموعة من الناس بين مفهومين، مجموعة مفتوحة ومجموعة يغلب عليها العنصر العاطفي الذي يصعب عليك الخروج من إطارهما، إذا الإثنية أو ما نسميها بالبيئة «بيئة الأمة الإثنية» هي التي لا تنظر إليك كشخص، ولإرادتك، بل كمصدر وممول سياسي.
ومن ثم أخذ فيلاند يوضح العناصر المكونة للمفهوم الإثني بين المجتمعات والتي صنفها لخمسة عوامل، أولها الدين الذي يشكل المفارقة الرئيسية بين المجموعات، مشيرا إلى ما حدث في البوسنة ولبنان والعراق والباكستان أيضا.
الأرض .. والعادات
أما العنصر الثاني برأي فيلاند، هو الأرض، وذلك عندما تربط الأرض بمجموعة إثنية معينة، بحيث تصبح الأرض المكان المقدس للمجموعة، مثل ما حدث في كوسوفو وصربيا.
العنصر الثالث تمثل في اللغة، إذ إن التفرقة بين لغتين لديها نفس المواد الأولية اللغوية تكون لأسباب سياسية، ففي البلقان تعلمنا اللغة الصربية الكرواتية، أو في باكستان، حيث تم تمزيق اللغتين إلى أوردو وهندي وهي لغات واحدة ذات فوارق بسيطة.
العنصر الرابع هو العادات التي تلعب دورا أساسيا في لعب دور التمييز والفروق بين المجموعات الإثنية، فالإثنيون يحاولون التفريق بين المجموعات على أسس ومعتقدات معينة، فهناك في الهند الكثير من المسلمين لا يأكلون لحم الخنزير وهناك أشخاص لا يأكلون لحم البقر بسبب عادات إثنية، وليست هناك مشكلة برأي فيلاند في هذا التعدد الثقافي، إلا أن ما يثيره هو عندما تتحول هذه الاختلافات إلى أساس في أدبيات وأيديولوجيات الإثنيات السياسية.
العنف ... وآخر الأشجار
العامل الأخير الذي يعزز الفروق موجود على مستوى الحشد السياسي والصراعات السياسية، هو العنف بحد ذاته الذي كثيرا ما نراه وتشهده أيامنا، والذي لا يقتصر على القتل وسفك الدماء، بل العنف الذي تشهده بعض البلدان، والتي تشهد ساحاتها صراعا إثنيا، كالعنف الذي تواجهه بعض النساء من خلال اغتصابهن لاعتقاد الطرف الآخر أن هذه العمليات يمكن أن تعيد ترتيب مكونات الإثنية الأخرى، لكون المرأة المغتصبة سوف تلد طفلا ينتمي لمجموعتها.
ويرى فيلاند أننا كنا نعتقد في بداية التسعينيات أننا تخلينا عن الكثير من هذه المفاهيم، وأنه عصر نهاية الكثير من المفاهيم السابقة، إلا أننا وبالنظر إلى العالم نجد نفس الأخطاء السياسية ترتكب مجددا في الهندسة السياسية لمجالات ما بعد الصراعات في العالم، مثلما حدث في العراق بعد الحرب الاخيرة 2003، الذي ولد ما يمكن تسميته بـ«إثنية السياسة» الأمر الذي رأيناه جليا في كثير من حلول الصراعات التي حدثت في لبنان والبوسنة.
ويصل فيلاند إلى نتيجة أن التغيير الحقيقي للعالم، تم في 1989 عند انهيار جدار برلين، حيث دخلنا الإثنية بعد سقوط الجدار، ودخلنا حربا جديدة «مجموعات ضد دول».
وينهي فيلاند محاضرته بالقول إننا نشهد في أيامنا هذه ما يمكن تسميته بـ«إفلاس الإنسانية»، فعلى الرغم من ما بشرت الإنسانية من «نهاية عصر الداعية»، واقتلاع آخر أشجار الزيتون التي تعبر عن كل ما هو من أفكار قديمة، والتي سيحل محلها القرية العالمية والمواطنة الإنسانية، إلا أنه على أرض الواقع نجد أنه لم نستطع أن نتغلب إلى الآن على مصطلح الولادة على أنها عامل سياسي، وأنها تشير إلى أصل الفرد، لذلك نحن نواجه اليوم تخصيص المجموعات، حيث إن الأشخاص لا يسمح لهم بالابتعاد عما ولدوا عليه.
التهميش الاجتماعي والثقافي
أما في القسم الثاني من المحاضرة فقد تحدث الدكتور العظم، موضحا أن الوضع في الوطن العربي يختلف قليلا عن الدول الغربية، فلدينا بالعالم العربي تفسيرات لما تساءل عنه فيلاند في كتابه، أحد التفسيرات هو أن أسباب الصيرورة الانحداري هي التهميش الاجتماعي والثقافي في المجتمع لمجموعات معينة من جانب فئات أخرى مسيطرة، وينتج عنه عواقب، فأحيانا يكون هناك لجوء للعنف والتقسيم والانطواء على الذات وعدم الإحساس بالمشاركة.
تفسير آخر يطرحه الدكتور العظم، هو أنه مع انهيار الاتحاد السوفييتي، وانتهاء الحرب الباردة التي كان فيها منطق متعال حاكم الكثير من الصراعات الكامنة والتوترات، أي ضابطها بصورة معينة، مع انتهاء الحرب يمكن أن نقول إن انفلات الأمور ساعد على ظهور الإثنية، وأعطى الدكتور العظم مثالا على ذلك، هو ما حدث في الستينيات قصده الحرب بين الهند والباكستان التي اندلعت بقوة، ومن ثم توقفت فجأة وعادت الامور الى ما هي عليه.
أما التفسير الأخير فيرجعه العظم، إلى أنه بعد الحرب العالمية حدث ما يسمى بانفلات العولمة من مراكزها واجتياحها لدول الأطراف عمليا، والذي نراه من هذه الظواهر نوعا من ردود الفعل الانفعالية والمحافظة على الذات فيحدث الالتفاف على الذات ويحدث الصراع على الهوية وتنشأ هوايات جديدة، ولكن نجد لها جذورا وأصولا.
الحال .. والحكومات العربية
بعد المحاضرة فتح باب المداخلات للحضور، الذي كان كبيرا وضم العديد من الشخصيات المثقفة السورية، وأيضا العديد من الشباب،
ما يؤكد الحاجة إلى الشباب السوري وحتى المثقفين لحركة ثقافية نشطة في سورية تخلت عنها المؤسسات السورية الخاصة والعامة، لتأخذ المؤسسات الغربية على عاتقها هذا الأمر.
أحد الأسئلة الذي أثار اهتمام فيلاند تعلق بمدى لوم الحكومات العربية إلى ما آلت إليه الحال في دولها، والذي أجاب عنه فيلاند بأن التحديات مثل أفكار العروبة والقومية ماتزال موجودة، فبالنسبة لحركة التحرر الوطنية ففيها مكونات كما هو الحال في القوميات الأخرى. ووظيفتها كانت إنهاء الاستعمار والامبريالية، أي أن المحتوى كان قوميا إثنيا، وليس الحركة الديمقراطية وفق النموذج الفرنسي، ميزة حركة التحرر العربية أنها لم تدخل في صراعات مع الهوية الدينية، إلا أنه بعد عملية التحرر الوطني تحولت القومية من حركة إصلاح إلى حركة تقلصت حول نفسها وواجهت الآخرين، ووضعت التركيز على الجزء الإثني، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ما وظيفتها هل هي الاحتفاظ بالعروبة، أم التنوير، أم الوقوف في وجه التغيير؟ بمعنى أو بآخر ما تبقى من حركة التحرر العربية هو كلمة عربي وذهب التحرير على حد قول فيلاند.
يذكر أن كارستن فيلاند هو شخص أكاديمي ودارس للتاريخ، درس في جامعة جورج تاون، وصحافي أمضى وقتا طويلا في الشرق الأوسط، وفي دمشق تحديدا، قام ببحوث ودراسات عديدة في مناطق الصراع مثل البوسنة والهند الباكستانية وجنوب أميركا.