الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

«أورنينا» في طوق الياسمين.. تفتقد الإبداع

دمشق - علياء تركي الربيعو
لقطة من عرض الفرقة«وأنت في طوق الياسمين تخال نفسك لوهلة وكأنك في أزقة دمشق وحاراتها البديعة وبيوتها الرائعة، التي تشعرك بالطمأنينة والحب والجمال والأصالة، فليس أحب إلينا من أن نعيش في بيوت وحارات الشام، وأن نتفيأ تحت ظلال أشجار النارنج والياسمين، ونرتشف قهوتنا الصباحية: صباح الخير يا شام.. صباح الياسمين».. هذا ما يقوله مدير ومخرج فرقة أورنينا ناصر إبراهيم عن عرضه المسرحي الغنائي الراقص «طوق الياسمين»، الذي أقيم بدار الاوبرا في دمشق على مدى خمسة ايام متتالية.



استعرض العرض تاريخ مدينة دمشق بمراحلها التاريخية، بجميع الحضارات والشعوب التي مرت عليها، من العصر الروماني الى الأموي فالعباسي، وايضا دخول المغول، ومن بعدهم الاتراك والفرنسيين، الى استقلال سورية فدمشق المعاصرة، ليكون العمل وثيقة عن تاريخ دمشق على حد قول المخرج.
ويضيف إبراهيم «كان الهاجس منذ سنوات، تقديم عمل يحاكي تاريخ الشام، ويعالج بأسلوب فني رشيق حكاية الشام ارضا وشعبا، من هنا جاء طوق الياسمين، تلبية لهذه الطموحات الكبيرة، وكانت بداية انطلاقة رائعة للفرقة، حيث ترك هذا الامر حافزا لان نطور في كل مرة هذا العمل وكأنما بدأنا من جديد، والسبب يعود لتمسكنا بتلك القيم والمبادئ الرائعة التي ترعرعنا في كنفها والتي ربتنا الشام عليها».
ركز العرض على رسالة مفادها أن دمشق صمدت أمام كل الغزاة الذين مروا عليها، وأن الاستعمار نهايته الزوال، ليخلص العرض الا أن دمشق لا تفتح ابوابها الا للحب والسلام.
العرض تم تقديمه في الكويت منذ سنتين ضمن أنشطة مهرجان القرين الثقافي الرابع عشر، كما عرض في المغرب والجزائر والامارات، واليوم يقدم للجمهور السوري في دمشق، ضمن اطار صور نمطية وتقليدية، لم يستطع المخرج التحرر منها، أوتقديم اي رؤى فنية، أوتوظيف درامي للموضوع، ما تم هو عرض تاريخ دمشق بشكل لا يختلف عن أي عرض قدمته اي فرقة سورية، دون أي تميز أو تجديد أو ابتكار في سنياريو العرض.
ويؤكد مدير الفرقة ومخرجها ناصر ابراهيم: «هذه هي دمشق، وهذه هي عاداتها وطقوسها، ولا نستطيع أن نجعل منها باريس على سبيل المثال، ما قمنا به هو نقل صورة دمشق ولكن بطريقة مسرحية».
بدأ العرض باستعراض العصر البدائي، ليطل علينا مجموعة من الراقصين الشبيهين بفتى الأدغال «ماوكلي»، بلباسهم وحركاتهم، ليقفزوا امامنا بصورة مضحكة، لتتوالى بعدها مشاهد العرض التي قسمت الى 20 مشهدا، الواحد تلو الاخر، ما اختلط الامر علينا كجمهور فلم نعد نفهم عن اي زمن يتحدث العرض، ولا عن اي حقبة تاريخية تحديدا، واستمر العرض على هذا المنوال الى الفقرة التي تحدثت عن اللوحة الرمضانية في دمشق، وعن العرس والمقهى الشامي، وهنا استطعنا أن نتواصل قليلا مع العرض.
والسبب في ذلك يعود الى جهل الجمهور بالتاريخ والمراحل التي مرت على سوريا على حد قول المخرج. بالرغم من ان معظم حاضري العرض هم من كبار السن ولا يصعب عليهم تذكر تلك المراحل التاريخية، اذا انكرنا معرفة الشباب السوري بتاريخهم.
وأشار المخرج: «لسنا بصدد ان نسلط الضوء على حقبة معينة مثلما تفعل الفرق الثانية، نحن نتناول دمشق عبر عصور، وهنا نحن نتعامل برمزية مع القضية، فالمسرح له رمزيته ويجب على الناس فهمها».
ما اثار الاستياء هو الراقصون، الذين افتقروا للرشاقة المطلوبة، من راقصين هم بالاصل خريجي معهد الباليه في سوريا، والمفروض أنهم يمتلكون خبرة، فالفرقة يعود انشاؤها الى العام 1993، الا ان الراقصين اكتفوا بالدخول من اليمين، والخروج من اليسار وبالعكس، بطريقة اقل ما يقال عنها أنها غير حرفية.
يقول ابراهيم: «انا كفنان رأيت دمشق من وجهة نظري وقدمتها على المسرح، والراقصون في فرقتي تتجاوز خبرتهم السنين العشر وهم محترفون».
العرض تخللته مجموعة أغاني تعبر عن تاريخ دمشق مثل «يامال الشام»، «ياطيرة طيري ياحمامة» وغيرها من الاغاني التي مللناها ومازالت تتردد على مسامعنا ليلا نهار.
ويوضح ابراهيم: «عندما نقول دمشق فاننا نغني «يامال الشام» هذان امران مرتبطان فهذه حكايتنا، فنحن علينا أن نذهب بهويتنا للعالمية، وليست العالمية ان ارقص شيئا لا يخصني، وهذا ما تقع فيه الفرق السورية الاخرى «العرض المودرن»، ولكن ما هي الثقافة التي ترغب في ان تطرحها؟ انا اريد ان ارى فني وثقافتي، مثلا لماذا يرقص الاسبان فن الفلامنكو ويفخرون به أما نحن لا، نحن يجب ان نرقص فلكلورنا، ولكن يجب ان نتعامل معه بصورة جديدة ومختلفة».
والخلاصة أن فرقة اورنينا لم تقدم شيئا جديدا، ما قامت به هو جلبة كبيرة، اثارتها على مواقع الانترنت، وفي اعلاناتها التي ملأت الشوارع لحضور العرض، لذا لم تكن اورنينا مبدعة او مميزة في اي شيء، على الرغم من الشهرة التي تنالها في الوطن العربي.
أما مخرج العمل فيرفض هذا الكلام ويقول: «يكفي أنه توجد هناك مؤسسة اسمها اورنينا، وهي مؤسسة خاصة لا تتبع لوزارة او اي مؤسسة، وهي فرقة محترفة يتقاضى العاملون فيها رواتب شهرية، وهم متفرغون للتدريب، وهي تعمل على تطوير نفسها، لذا نحن نتطور من عمل الى آخر، والدولة من وزارة الثقافة والسياحة غير قادرة على ان تصنع ربع فرقة اورنينا، الدولة لديها فرقة أمية التعيسة، اما اورنينا وانانا فهما حالتان استثنائيتان».
الجدير بالذكر أن فرقة اورنينا السورية للرقص المسرحي التي ولدت في العام 1993 يبلغ عدد راقصيها 30 راقصا، وتعرّف هذه الفرقة نفسها بكونها سفيرة الشرق، وتشارك الفرقة في الكثير من المهرجانات والاحتفالات، ليس على مستوى سوريا فقط بل في كل الدول العربية، قدمت اعمالا عديدة منها العمل الدرامي الراقص «الصوت»، «رايات العودة» بالتعاون مع الرحابنة. «الخيل والهيل – الملاذ – العود عبر التاريخ»، وأخيرا وليس آخرا طوق الياسمين.. وتقوم الفرقة الآن بالتحضير لعملين هما «أوغاريت» و«الإليازة الكنعانية»، بمناسبة احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق