الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

رائد الرمزية في التشكيل السوري

داحول: استجمعت قواي في الرسم لأستعيد ذكريات الراحلة شريكة الحلم والتجربة

حوار -علياء تركي الربيعو


بعد تخرجه من كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق غادر صفوان داحول (مواليد حماه، سوريا 1961) إلى بلجيكا، حيث حصل على شهادة الدكتوراه في الفنون التشكيلية في المعهد العالي للفنون التشكيلية في مون عام 1997. ولعله لذلك متأثر بالفن البلجيكي وفن الأراضي المنخفضة، يحفل سجله بالكثير من المعارض الأوروبية والعربية، وقد حاز جوائز وطنية وعالمية، بما في ذلك الجائزة الأولى في التصوير في ملتقى (إعمار) الدولي في دبي 2007م، كما يحظى بشعبية بين مقتني الفن العالميين. ولوحاته اليوم مطلوبة من أهم المتاحف والمقتنين، وهو يعتبر من الفنانين المحدِّثين والمجددين في العالم العربي. نجح في إقامة معارض فردية في أوروبا والشرق الأوسط فبيعت جميع أعماله أثناء المعارض. ولقد أقام أخيراً معرضاً فردياً مهماً أهداه لزوجته الراحلة الفنانة نوار ناصر شريكته في التجربة الفنية والإنسانية.
يعتبر داحول من الشخصيات البارزة في المشهد الفني العالمي، حيث تعكس بورتريهاته الأنيقة، ذات الخطوط النظيفة والشخصيات المنسابة، نزعات تكعيبية؛ إذ إنها تملك حياة وأصالة تنبع من ذاتها بالكامل.
كريم بطبعه، طبع البداوة الأصيلة، موضوعاته ضيقة الخيارات، ولكن مجلسه مرحب لكل الأحبة. التقيناه في مرسمه بدمشق، وكان لنا معه الحوار الآتي:
* نبدأ من معرضك الأخير الذي سميته وأهديته (إلى نوار) زوجتك الراحلة الفنانة التشكيلية نوار ناصر، هل وجدت في الرسم المهرب من حزنك؟
- في الحقيقة نعم، ربما أصبحت أهرب من نوار، المرأة، والذاكرة إلى الرسم فعندما أفكر في الخسارة الكبيرة التي حصلت في حياتي لا يسعني إلا أن أتحايل على الوقت والزمن لكي أستطيع أن أستجمع ما بقي فيّ من قوة ولاسيما أن نوار كانت شريكة الحلم والتجربة.
* ما قصة ألوانك الترابية، أحب أن أسميها الصلصالية؟
- هذه ألوان بيئتي، أرضي وسمائي وثقافتي، حتى أنت ترتدين باللاشعور هذه الألوان، ربما نشعر بالخجل أحياناً عندما نرتدي ألواناً كالأحمر أو الزهري أو الأصفر؛ ربما لأنها تفضح مشاعرنا فنرى ألا بد لنا من ارتداء لون الأرض والفراغ، لون التكوين والخلق بما فيه من تدرجات وجمال. ولا أريد صراحة أن تحمل ألواني مشاعر التشاؤم أو الحزن؛ فأنا متفائل بطبعي وأحمل قلباً أبيض.
* صفوان داحول رائد الرمزية في الفن السوري.. لماذا كل هذا الإغراق في الرموز والموضوعات؟
- أنا من أنصار الرمزية، نحن بحاجة إلى البُعد الفني العميق بما يحمل من دلالات ورموز من شأنها أن تعي الذائقة الفنية، وأن تحرض المشاهد للعمل الفني على التفكير والغوص في فضاءات اللوحة؛ لذا فأنا أحببت الأيقونات، وهذا النوع من الفنون، ولاسيما هذا الفن البسيط الذي يعمل على موضوع واحد، إلا أن عليك أن تجردها من مضمونها الديني وتراها بروحها العصرية كعمل مكون من البساطة والإتقان والقدرة على إيصال الرسالة والعبرة، وهو فن يؤثر فيّ بشدة.
* تشكل المرأة في لوحات صفوان داحول خياراً شبه دائم، هل يظهر صفوان في لوحاته جمال المرأة أم سلبياتها؟
- عندما يرسم الفنان التشكيلي المرأة فمن المستحيل أن يطرح الشيء السلبي لرسمه، من الممكن أن ترين ظاهرياً بعض الإشكالات الفنية ولكن من المستحيل أن تكون نظرة شخص حياته معلقة بالألوان والقماش نظرة سلبية للمرأة، ولكن هذا لا ينفي أن أي فنان بجانب من جوانب حياته لديه الحق في أن يكون له فكرته ورأيه تجاه الشيء الذي يرسمه، ولكني أزعم أن أي فنان يأخذ الجانب الجمالي في أية لوحة يرسمها غالباً.
* مشروعك الفني تسميه حلم، هل ما زال حلمك مستمراً؟
- بعد لوحتي الأولى التي أسميتها (حلم) لم أكن أتوقع أن أرسم لوحة ثانية اسمها حلم وثالثة اسمها حلم ومائة اسمها حلم. وربما لذلك باستطاعتك أن تري نفس الأشخاص أو المواضيع متشابهة في لوحاتي الحالمة التي لم تنتهِ بعد من بحثها في فضاءات اللون والرسالة الإنسانية التي تحملها. كما أسلفت أن لديك خيارات محدودة.
* في مشروعك الفني، هل هذا مبرر للتكرار والنمطية التي تتهم بها؟
- حركة الإنسان تختلف من وقت لآخر، فعندما يتكلم أو يجلس أو يمارس نشاطاً معيناً يصنع نفس الشخص حالة شعورية وحسية معينة من الممكن أن توحي لأي فنان بأن يرسمها، وهكذا أنا، وخياراتي القليلة والقريبة من بعضها تجعلني أعيش في تحد أكبر لذاتي؛ لأنني أرسم دائماً أشياء مألوفة للآخرين، وأستمر في رسمها ليس لي فقط وإنما للجميع. وأعتقد أن المشكلة في اللوحة هي كيف تجدين الحل البصري، ولا أرى أني أعاني من مشكلة التكرار؛ لأن المتتبع لأعمالي باستطاعته أن يقرأ أفكاراً متجددة لنفس المرأة وفي كل لوحة توجد فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق