الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

«منيحة...!!!» زياد الرحباني لم تكن منيحة

دمشق - علياء تركي الربيعو
عادت الحياة في الأيام الأربعة الماضية إلى قلعة دمشق، إذ اجتمع ما يزيد على أربعة آلاف شخص يوميا، جاؤوا ليحضروا عرابهم (كما أسموه) زياد الرحباني، الذي عاد للمرة الثانية الى سورية، ليستكمل نجاحه الذي حققه في العام الماضي بدمشق.
قدم بطل القلعة حفلاته التي أسماها «منيحة!!!» لمعجبيه من الجمهور السوري كبارا وصغارا، والذين وصل عددهم إلى 16 ألف متفرج



.
لم تخل هذه الحفلات الغنائية من تمثيليات الرحباني السياسية الناقدة، التي تضخم الواقع اللبناني السياسي والمعيشي بفكاهة جميلة، عن طريق «الاسكيتشات» التي يشتهر بها زياد أصلا، والتي تُميز أسلوبه الفني غناءً وتلحيناً وتأليفاً. هذه الاسكيتشات التي قدمها كانت مأخوذة من برامجه الإذاعية وبعض مسرحياته، وصف لنا الرحباني فيها معاناته التي اختارها لتكون معاناة الجمهور ايضا.
الرحباني بشكل مختلف
قسمت كل حفلة من الحفلات الى جزءين، الأول تم فيه عرض بعض الاسكيتشات ومجموعة من أغانيه الأكثر شهرة، قدمها هو وكورال نسائي جميل مزهو باللون الأحمر، وتضمن نيكول شويري ورشا رزق وليندا بيطار ونهى زروف ومنال سمعان ومي كيخيا، هؤلاء الجميلات قمن بغناء «هيك بتعمل هيك»، و«ولا من يحزنون» و«الله يساعد» و«خلص» وغيرها.
في الجزء الثاني من الحفلة، ظهر لنا الرحباني مع الموسيقيين بمظهر جديد ومختلف، إذ ارتدى قميصا عليه صورة للرئيس الأميركي السابق جورج بوش، بحيث استطاع أن يحول الأمسية الى عرض مسرحي مصغر، أكمل الرحباني فيه تهكمه اللطيف. ثم قدم زياد مقطوعات موسيقية منها «عطل وضرر» من ألبومه مع المغنية التونسية لطيفة، ومقدمة «نزل السرور» وسواهما، ومن الأغاني «معلومات أكيدة»، و«معلومات مش أكيدة» التي غنتها رشا رزق، «بنص الجو»، «حبيتك تا نسيت النوم».
الحضور كان كبيرا في الحفلات ما اضطر منظمي الحفل إلى إعادة بناء مسرح قاعة دمشق الأثرية بشكل يتناسب مع حجم الفرقة والجمهور ايضا، وقاموا بوضع شاشات عرض كبيرة داخل القلعة تسمح بمشاهدة أفضل للحفل، الأمر الذي لم يكن مستحبا كون الجمهور جاء ليشاهد الرحباني وليس صورته على شاشات العرض، فالجلوس في المنزل ومشاهدته على شاشات التلفاز لم تختلف كثيرا عن حضور هذا الحفل، مع فارق بسيط، وهو دفع ثمن بطاقة غالية بعض الشيء تتراوح أسعارها بين 1000 و1500 ليرة سورية.
وقد يكون هذا هو أحد أسباب الاستياء الذي حدث للجمهور من الرحباني، فلم تلق الحفلات الحرارة والتفاعل من الجمهور مثل العام الماضي، فلأول مرة نشاهد عددا لا بأس به من الجمهور ينسحب من الحفل جارا وراءه أذيال الخيبة بما رآه من الرحباني، على الرغم من انتظاره الشديد لهذه الحفلات والتصارع على أبواب حجز البطاقة لدخول أول حفلة من حفلاته بغرض التباهي فيما بين الأصدقاء على من حضره قبل الآخر، مقارنة بالعام الماضي الذي بقي الجمهور فيه الى آخر الحفل وهو يردد أغاني الرحباني، ما استدعى الرحباني للعودة الى المسرح تحت ضغط طلب الجمهور، وإعادة غناء إحدى أغانيه مرة أخرى، الأمر الذي أثار استغراب الرحباني آنذاك قائلا «بصراحة ما كنت متوقع هيك شي، ولا شايف هيك شي من قبل».
حفل.. بلا مشاركة
أما في هذا الحفل فإن الملل سرعان ما بدا على الجمهور بعد الأغنية الثانية، فلم يكلف الجمهور نفسه عناء التصفيق ومشاركة الرحباني الغناء، وقد يكون السبب في ذلك هو الرحباني نفسه الذي لم يحاول أن يثير حماسة الجمهور، فلم يقدم له أي شيء جديد توقعه منه الجمهور السوري، كذلك خيب أمله عندما طلب منه غناء إحدى أغانيه وهي «أبو علي» رافضا ذلك واعدا إياه بغنائها في المرة القادمة.
من جهة ثانية، كانت بعض الاسكتشات التي تم عرضها طويلة بعض الشيء، ما أضاف مللا جديدا الى الملل القديم، حتى إن تعليقات الرحباني المعروفة لم تستطع خلق جو حميمي بينه وبين الجمهور، وبدا كأنه يمثل ويغني ويعلق دون نفس.
وعلى الرغم من أن حفلاته العام الماضي امتدت على مدى ثلاثة أيام ولكنها ضمت ٦٠ عازفاً ومغنياً، بينهم ٢٩ سورياً في مقدمتهم باسل داوود، رشا رزق. هذا إلى جانب ٢٢ أرمنياً مع المايسترو الأرمني كارين دورغريان، والذين يعزفون مع فيروز وزياد منذ العام٢٠٠٠، فضلاً عن عازفَيْن فرنسيَيْن وآخر هولندي، والأردني فادي حتر، ومهندس الصوت البريطاني المميز بيريك، وقتها بدا الرحباني متألقا في أكثر من عشرين مقطوعة موسيقية وغنائية منها: أبو علي، قمح، مقدمة، ٨٣ تدمر.
.. وجمهور بلا حماس
أما في حفل العام الذي امتد على أربعة أيام شارك فيه 40 عازفاً وموسيقياً ومؤدياً نصفهم من السوريين، والآخر من اللبنانيين وبهذا فقد التنوع الموسيقي الذي حدث في الحفل الماضي.
وكذلك يبدو أن الجمهور نفسه لم يكن متحمسا للحفلات مثل العام الماضي، فمثلا من حيث الاعلانات التي تم عرضها في تلك السنة، والتي كانت منتشرة في كل الطرقات، تميزت بعبارات جميلة مثل «زياد في قلب دمشق»، و«سهرنا يا أبو الأحباب»، و«لأول مرة منكون سوا»، كما قام شبان سوريون من محبي زياد بحملات ترويجية لحفلاته في أحياء دمشق، مذيعين أغنيات له ومقاطع من مسرحياته.
في هذا العام تواجدت دعاية للحفلات إلا أن الإعلانات لم تحمل أي عبارات كالعبارات السابقة سوى عنوان الحفلات «منيحة!!!»، وقد يعود هذا السبب إلى كون غياب الرحباني عن دمشق لم يطل أكثر من سنة هذه المرة، مقارنة بالعام الماضي الذي جاء فيه الرحباني الى سورية بعد غياب دام أكثر من 20 عاما.
الشيء الوحيد المشترك بين العامين كان سوء التنظيم، فالناس لم تجد مكانا تجلس فيه على الرغم من وجود أرقام على البطاقات للالتزام بالجلوس، ألا أن «الطاسة كانت ضايعة»، كذلك لم تتوفر اي معلومات عن أسماء الموسيقيين في الحفل ولا أي بروشور عرض.
وفقد زياد ذكاءه
لذا فإن عدم نجاح هذه الحفلات بالقدر الكافي كان بمساهمة جميع الجهات، الرحباني الذي يبدو أنه فقد بعضا من ذكائه، والمنظمون الذين اعتمدوا على نجاح العام الماضي، ولم يكلفوا نفسهم عناء العمل بجهد على هذه الحفلات، وبعض من الجمهور الذي ذهبت أحلامهم وتوقعاتهم من منقذهم الرحباني بعيدا.
الجدير بالذكر أنه من المقرر أن يقدم الرحباني نفس الحفلة على مسرح قصر الأونيسكو في بيروت أيام 24 و25 و26 يوليو الجاري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق